يعتبر بدء المشي عند الطفل من اللحظات الأكثر سعادةً في الحياة
بالنسبة للوالدين , و حتى الطفل نفسه يفرح ببدء المشي و ببدء اكتشاف ما حوله, و
بالمقابل فإن تأخر المشي يثير الكثير من الشكوك و الأسئلة عند الوالدين.
متى يمشي الطفل بشكلٍ طبيعي ؟
يمشي الطفل بعمر سنة تقريباً , فأكثر الأطفال يبدؤون بالمشي ما
بين عم 10 أشهر و سنة و نصف , و القليل من الاطفال يمشون بشكل مبكر من الشهر التاسع
, و آخرون يتأخر عندهم المشي حتى عمر أكبر من سنة و نصف , و عدد قليل قد لا يمشي
حتى عمر السنتين و يبدأ الطفل بالمشي بالمساعدة
في أكثر الحالات , ثم ينتصب و يمشي لوحده , و بعض الأطفال يمشون و ينطلقون لوحدهم
دون مساعدة , و من المهم التذكير بعلامات تطور
الطفل الطبيعية في عمر سنة نصف , و أهمها عند الطفل الطبيعي : ينطق عدة كلمات و بعض
الجمل من كلمتين , يستطيع رمي الكرة , يؤلف برجاً من أربع مكعبات , يعرف بعض أجزاء
جسمه ..... و يجب التفريق بين تأخر المشي , أي عدم محاولة الطفل الشروع بالمشي , و
بين اضطراب مشية الطفل أو المشي غير الطبيعي ( ففي الحالة الأخيرة فإن الطفل يمشي
بالعمر الطبيعي و لكن تكون مشيته مضطربة , و اضطراب المشي قد يكون بسبب خلع الورك
أو تشوهات الطرفين السفليين أو اصابة عصبية مركزية كالرنح و أسباب أخرى.. ).
متى يعتبر الطفل متأخراً في المشي ؟
يعتبر الطفل متأخراً في المشي إذا بلغ عمر سنة و نصف و لم تبدو
عليه أي محاولات للمشي , و إذا لم يجد الطبيب ما يدعو للقلق فقد يراقب الطفل حتى
عمر السنتين , و عدم مشي الطفل بعمر السنتين لا يعتبر طبيعياً.
هل يجب تعليم و مساعدة الطفل كيف يمشي ؟
لا , فالمشي من المهارات الذاتية المحددة بالجينات , و الطفل
يمشي لوحده دون أي محرضات أو تعليم أو مساعدة.
هل هناك علاقة بين الزحف و المشي ؟
ليس تماماً , و لو أن تأخر الزحف قد يكون الإشارة الأولى لتأخر
المشي, و أكثر الاطفال يزحفون أو يحبون قبل أن يمشوا , و عدد من الأطفال يمشون دون
أن يزحفوا أو يحبوا و هذا أمرٌ طبيعي , و قلما يكون تأخر الزحف بحد ذاته ذو دلالة
مرضية.
هل تساعد الكراجة أو المشايّة على تسريع المشي ؟
لا , فهي لا تسرع المشي و لا ينصح بها بشكلٍ عام خوفاً من سقوط
الطفل من عليها , و قد تفيد في إلهاء الطفل إذا كان عند الأم الكثير من العمل , و لكن
يجب أن يبقى الطفل تحت المراقبة عند استخدامه للمشايّة.
ما هي أسباب تأخر المشي عند الأطفال ؟
هناك الكثير من الأسباب التي تتراوح بين السبب البسيط و العابر
و حتى الإصابة الدماغية المركزية أو الإصابة العضلية و أهم هذه الأسباب هي :
-
حالات تأخر المشي العائلية : حيث يلاحظ أن بقية أفراد الأسرة قد تأخروا قليلاً في المشي و يكون فحص الطفل العصبي طبيعياً, و يكون اكتسابه لبقية المهارات طبيعياً و لكن يحدث المشي دوماً بحلول نهاية السنة الثانية.
-
بعض حالات نقص الفيتامين د (الخرع أو الكساح ) , و يكون فحص الطفل العصبي طبيعياً , و هي تتحسن بتلقي الفيتامين د و تعريض الطفل للشمس
-
كنتيجة لإصابة الطفل بأمراض خطيرة و هامة في الأشهر الأولى : مثل التهاب السحايا , التهاب الدماغ , و عقابيل ارتفاع البيليروبين الشديد غير المعالج , و يلاحظ هنا تأخر بقية قدرات الطفل
-
بعض الأمراض العصبية المركزية التي تصيب الدماغ : خاصة تعرض الطفل للاختناق حول الولادة و نقص الأوكسجين (الشلل الدماغي) , و صغر محيط الرأس الشديد , و يظهر الفحص العصبي للطفل هنا علامات هامة و يلاحظ هنا تأخر بقية قدرات الطفل
-
بعض الأمراض العصبية الوراثية : كرنح توسع الأوعية الوراثي , و يظهر الفحص العصبي للطفل هنا علامات هامة
-
بعض أمراض العضلات : كمرض وردينغ هوفمان و بعض الحثول العضلية و الضمور العضلي المبكر , و يظهر الفحص العصبي للطفل هنا علامات هامة
-
بعض المتلازمات الصبغية المترافقة بتأخر تطوري : و يبدو على الطفل هنا سحنة خاصة (علامات شكلية خاصة في الوجه ) مع أو بدون تشوهات أخرى.
عما سيسأل الطبيب عند كشفه و فحصه
للطفل المصاب بتأخر المشي ؟
سيجري الطبيب استجواباً عاماً حول حالة الطفل و سيركز على فترة
الحمل و الولادة و تعرض الطفل للاختناق عند الولادة , و سيسأل عن سن بدء المشي عند
بقية أفراد العائلة , و عن تلقي الطفل للفيتامين د و تعرضه لأشعة الشمس , و سيقوم
الطبيب بتحليل حالة تطور قدرات الطفل الذهنية و الحركية لكشف وجود إصابة ما في
الجهاز العصبي , خاصة كلام الطفل و تفاعله الاجتماعي ..
هل سيجري الطبيب الفحوص الدموية و
الشعاعية للطفل ؟
يتوقف هذا على توجه الطبيب نحو سببٍ ما من أسباب تأخر المشي ,
ففي حال كان فحص الطفل العصبي طبيعياً مع اكتساب الطفل لبقية المهارات الذهنية و
الحركية الأخرى المناسبة لسنه , فقد لا يجري الطبيب أي استقصاءات , أما إذا شك
الطبيب بإصابة عصبية مركزية , فقد يطلب إجراء تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي
و إجراء تخطيط كهربائي للدماغ, و في حال الشك بإصابة عضلية فقد يجرى للطفل معايرة
لخمائر العضلات و تخطيط عضلات كهربائي و أحياناً خزعة العضلات .
ما هو العلاج ؟
حالات التأخر العائلية البسيطة لا علاج لها و سيمشي الطفل في
وقتٍ قريب, أما التأخر الناجم عن مرضٍ معين فيعالج بمعالجة المرض المسبب (كنقص
الفيتامين د ) , و تأخر المشي الناجم عن إصابات عصبية مركزية لا علاج لها (كالشلل
الدماغي ) يعالج بتطبيق العلاج الطبيعي أو الفيزيائي الذي قد يؤدي لتحسن في مشي
الطفل حسب حالة كل طفل, و لكن ليس بشكلٍ كامل و يحتاج ذلك لأشهر أو سنوات .
و الخلاصة أنه لا داعي للقلق في حال تأخر الطفل عن المشي بشروط
ثلاثة يجب أن تكون مجتمعة معاً و هي :
-
أن يكون عمره دون السنتين
-
أن يكون فحصه العصبي طبيعياً
-
أن تكون مهارته الأخرى مناسبة لعمره
0 comments:
إرسال تعليق